سيدنا يوسف عليه السلام: من قاع البئر إلى عرش مصر

مقدمة:
قصص الأنبياء في القرآن الكريم ليست مجرد أحداث تاريخية، بل هي رسائل خالدة مليئة بالعبر والدروس التي تخاطب القلب والعقل معًا. ومن بين هذه القصص العظيمة، تبرز قصة سيدنا يوسف عليه السلام التي وصفها الله سبحانه وتعالى بأنها “أحسن القصص” لما تحمله من معاني الصبر والثبات والتسامح والتوكل على الله
ولد يوسف عليه السلام في بيت نبي، فهو ابن يعقوب عليه السلام. رأى يوسف في طفولته رؤيا عجيبة:
قال:
“إني رأيت أحد عشر كوكبًا والشمس والقمر رأيتهم لي ساجدين” (سورة يوسف: 4).
كانت هذه الرؤيا بداية لمسيرة طويلة من الابتلاءات والعطاءات الإلهية.
• كيد الإخوة:
إخوة يوسف امتلأت قلوبهم بالغيرة والحسد، فقرروا إبعاده عن والدهم الذي كان يحبه حبًا شديدًا. ألقوه في بئر مظلم في صحراء موحشة. ومع ذلك، صبر يوسف الصغير وترك أمره لله.
• الانتقال إلى قصر العزيز:
التقطته قافلة من البئر وباعوه عبدًا، وانتهى به المطاف في بيت العزيز بمصر. هناك تعرّض لفتنة كبيرة حين راودته امرأة العزيز عن نفسه، لكنه ثبت وقال كلمته الخالدة:
“معاذ الله إنه ربي أحسن مثواي إنه لا يفلح الظالمون” (يوسف: 23).
• السجن وتأويل الأحلام:
ظل متمسكًا بطهره رغم الظلم، فسُجن ظلمًا. في السجن بدأ يوسف يمارس هبة الله له: تأويل الأحلام. فسّر رؤى السجناء، ثم فسّر حلم الملك الذي كان بداية خروجه من الضيق إلى أوسع الأبواب.
• الخروج والتمكين:
خرج يوسف من السجن ليصبح عزيز مصر والمسؤول عن خزائن الأرض. وعندما جاء إخوته إليه في زمن المجاعة، اختبرهم وبيّن لهم صدقه وتقواه.
• اللقاء والصفح:
في النهاية، جمع الله شمل يوسف بأهله وأبويه، وقال في قمة التواضع والرحمة:
“لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم” (يوسف: 92).

الدروس والعبر:
1. الصبر الجميل:
يوسف عليه السلام نموذج للصبر على الأذى والظلم والغدر. كان صبره مصحوبًا برضا ويقين بالله دون شكوى.
2. الثبات أمام الفتنة:
في زمن قد تضعف فيه النفس أمام المغريات، يبقى موقف يوسف عنوانًا للطهارة والثبات على الحق مهما كانت الضغوط.
3. التوكل على الله:
لم يعتمد يوسف على الأسباب الظاهرة بل كان دائم اللجوء إلى الله وحده.
4. الإحسان في كل حال:
سواء كان سجينًا أو عزيز مصر، كان يوسف محسنًا في كل مكان، لأن الإحسان خلق لا يتغير بتغير الظروف.
5. التسامح والمغفرة:
أمام من ظلمه، لم يكن قلبه مليئًا بالحقد، بل سامحهم ودعا لهم بالمغفرة.

خاتمة:
قصة سيدنا يوسف عليه السلام هي دعوة مفتوحة لكل إنسان لا يعيش بدون ابتلاء. هي رسالة أن الشدائد قد تكون طريقًا إلى النور، وأن من يصبر ويثبت ويتوكل على الله، ينال العاقبة الطيبة في الدنيا والآخرة.
تذكر دائمًا:
“إنه من يتق ويصبر فإن الله لا يضيع أجر المحسنين” (يوسف: 90)

العنود ثلاب

Comments

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *